[الطارق111]

عبد العزيز بن مروان



هو عبد العزيز بن مروان بن اكلم بن ابي العاص بن أمية بن عبد شمس بن مناف، وأمه أم عاصم ابنة عاصم بن عمر بن الخطاب.

ولد ونشأ في مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام. نشأ عمر بن عبد العزيز بالمدينة أميراً من أمراء الدولة، يتمتع بما توفره الإمارة لمثله من رفاهية وميزات.... ولكن المناخ العلمي لمدينة الرسول قد أتاح له أن يسلك درب العلم، فارتقى مدارجه حتى أصبح، وهو شاب واحداً من علماء الاجتهاد، حتى لقد وصفه ميمون بن مهران بأنه ( كان معلم العلماء ).

في الخامسة والعشرين من عمره، على عهد الوليد بن عبدالملك ( 86 ـ 96 هـ ، 705 ـ715 م ) تولى عمر بن عبدالعزيز إمارة المدينة ( ربيع الأول سنة 87 هـ فبراير سنة 706 م ) فبدأ فيها تجاربه الأولى في السياسةوالحكم، وفي ظل ولايته على المدينة عادت مدينة الرسول، عليه الصلاة والسلام، لتصبح كما كانت من قبل حرماً آمناً للمسلمين.

تولى عمر بن عبدالعزيز الخلافة في ( 31 صفر سنة 99 هـ 3 اكتوبر 717 م ). توجه الرجل الصالح والأمير الطامح إلى العدل، وجد نفسه في قمة السلطة التي طالما وصفها بالظلم، موجه لها النقد وتحدث عن ضرورة التحول بها إلى طريق الحق والعدل بين الناس. وقد خاطب الناس بطريقة غير طريقة الأمراء الذين تولوا الخلافة من قبل، الطريقة التي تطلب السمع والطاعة من الناس للخليفة صاحب القول والفعل والقرار.

خاطب عمر بن عبدالعزيز الناس وقال: ( أما بعد، فإنه ليس بعد بينكم نبي، ولا بعد الكتاب الذي أنزل عليه كتاب، إلا ان ما أحل الله حلال إلى يوم القيامة، وما حرم الله حرام إلى يوم القيامة، إلا أني لست بقاض ولكني منقذ، ألا إني لست بمتدع ولكني متبع، ألا انه ليس لأحد أن يطاع في معصية الله، ألا أني لست بخيركم، ولكني رجل منكم، غير ان الله جعلني أثقلكم حملاً. ألا ان الرجل الهارب من الإمام الظالم ليس بعاص، ولكن الإمام الظالم هو العاصي). وسمع الناس كلاماً غير ما سمعه قبل.

لقد بدأ عمر مرحلة ( السلام العام ) هذه بإلغاء مبدأ (التحريم) بسبب الخلاف في الرأي والأهداف. فلم تعد الدولة تعاقب على الرأي والأهداف، ولا على النشاط السياسي، على حين اشتد عقابها على إعداء أصحاب الرأي بالسياية من المجرمين، وذلك على عكس ما كان عليه الحال قبل، واعلن السلام العام.

وهكذا أصبح عمر بن عبدالعزيز، بثورته وعدله، أول خليفة أموي تعترف المعتزلة بإمامته، الإمام الوحيد الذي صحت عنهم إمامته دون أن يتولاها بالشورى والبيعة الحرة والأختيار.

فلما أن ولي هو الخلافة سعى وعلى الفور إلى راحة الناس وقد قرر ما يمكن منحه. كما عمل على هدم جهاز الدولة الظالمة القديم وإقامة جهاز الدولة العادلة الجديد.

لقد شدد عمر بن عبدالعزيز في منع (السخرة ) واستغلال عمال الدولة لنفوذهم، وكتب إلى عماله وولاته بمنع الجباة الذين احترفوا جباية الضرائب لما يثبت له تعديهم للحدود العادلة. وعين في كل مدينة رجلاً من أهلها يجمع منهم الزكاة، ونهى عماله أن يأخذوا زكاة أرباح التجار إلا إذا مال الحول على هذه الأرباح.

ولقد احتدت الثورة الاجتماعية لعمر بن عبدالعزيز حتى شملت الجوانب الأخلاقية في المجتمع وقد شدد في منع الخمر