أخيتي العزيزة ...
لا تقدُمي على أيِّ خطوةٍ بمجرد العاطفة والحب والعشق فمن متَّع نفسه بالحرام فإنَّه يُحرم من كمال لذة الحلال وتأملي كل تصرفاتكِ والعواقب المترتبة على دينكِ وأهلكِ وسمعتكِ وعرضكِ ونفسيتكِ ....
( الشات ) دهاليزُ الخبثِ والمكرِ والعهر والفضيحة فكم هم العابثون بالحرمات والشرف ..؟؟ ليجعلوا الفتاة قتيلة أو أسيرةً لا تلبث أنْ تموت مدفونةً وفيها روحُها في قبر الخزي والعارّ والهالك في الدنيا قبل الآخرة لأنها في نظرهم صيداً ظفروا به أو شهوةً تحققتْ قد حان التخلص منها في مشهد درماتيكيٍ طالما يتكرر ولا عبرة ولا عظة ..
أخيتي الكريمة ... أيتها الغالية ...
اعلمي أنِّكِ بحق مستهدفة من قبل فئات الشباب المنحرف السيء الذين يُخططون لاصطيادكِ وأنتِ ربما لا تعلمي ذلك فهناك كثير من الذين انعدم عندهم الخوف من الله وتبلد أحساسهم يكيدون لكِ كيداً ويجتمعون ويخُططون للظفر بكِ مهما كانت النتيجة وأخصُ بذلك مجموعات المشاركين في برامج المحدثات كالشات ....والماسنجر والبالتوك .... وغيرها من المحادثات الصوتية والمرئية ...
نعم ...... اقصد أولئك الذين يغلِّفون لكِ المكر والكيد والخديعة بغلاف الصداقة الحميمة ... والحب الطاهر بغلاف التسلية المؤدبة فقط أو بغلاف العواطف المريضة الممجوجة , أو بأي غلاف يسمونه نعم ... اتحدثُ لك عن الذين يصطادون في الماء العكرْ عديمي الاحساس عُبّاد الشهوة ولصوص الأعراض ... أقول ذلك وكلي ألمُ لحال الكثيرات ... من اللواتي أثرت فيهنَّ كلماتُ الذئاب فأصبحن يجرين ورائهم جري الضمآن خلف السراب من الفتيات الطيبات اللواتي دخلنَ بطيبة قلبٍ وحسن نية بل أرادت الدعوة فدُعيت ، حلمت بالتأثير فتأثرت ، اشتاقت إلى إصلاح الغير ففسدت ، وكأَّنها هي ومن تدعو كالتفاحة السليمة بين التفاح الفاسد لم يصلح بل فسدت كيف لا ! وتفاحةُ واحدةُ فاسدةُ قادرةُ على افساد الكثير من مثلها ألا تعلمي يافتاة الإسلام أنه يوجد في هذه الشات الخطيرة عصابات متخصصةُ في اصطيادكِ وإيقاعكِ وإغراقكِ في مستنقعات الرَّذيلة ؟ فهل أنتِ على علمٍ بهذا ؟ أم أنَّك واسمحي لي بهذه العبارة ساذجة .... ؟ لماذا هذه الثقة العمياء الصْمَّاء التي تولينها شاباً لا تعرفينه ولا تعلمي عن تاريخه وحياته شيئاً ؟ لماذا تنثري أوراقكِ له وكأنَّه أقرب الناس لكِ ؟؟ فأيُ عاقلة تفعل ذلك !!
أخيتي الغالية ..!!
إن كنتِ عازمة على دخول الشات فإليك هذه التوجيهات والوصايا .....
( لا تكثري أخية ... الدخول إلى الشات ولا تجعليه عادة لك وكوني أداة إصلاح وخير في الشات ومعينة على الخير دائماً وأبدا ولا تغرِّك بعض أسماء الغرف التي ظاهرها حب الاحترام والتقدير وداخلها البلاء والشر المستطير واحرصي على الغرف المفيدة كما لا تعطي للشباب مجالاً للحديث معك ولا مسايرتك وانتبهي لمكرهم المكشوف فهم يدخلون عليك أحياناً بسؤال عن معنى اسمك ربما أو إثارتك بكلمة أو حركة تجرُّك للحديث معك باسم التعارف أكثر وانتظري رسائل البريد الإلكتروني المصيدة الكبرى والمهلكة لكل فتاة ولكي تنجي من ذلك عليك باختيار الاسم وحاولي أن لا يدل على انوثتك حتى ترتاحي من كثرة المضايقات وكوني الفطنة اللبقة فلا تشاركي في افساد الشباب بكلامك اللين معهم لأن الكثير منهم يتأثر بذلك .
أخيتي الكريمة...
لا تجعلي من الشات سبباً لترك الصلاة أو تأخيرها عن وقتها .. كما لا تغضبي والديك بسببه وكوني قوية إرادة في أداء العبادات واحفظي الله دائماً يحفظك ويرعاك ويسدد خطاك ....
قبل الختام .. وبعد سنة من تاريخ الحادثة وتفاصيل القصة أرسلت ليِّ (غدير) عبر البريد الإلكتروني أنها التحقت بمدارس تحفيظ القرآن الكريم النسائية لتعايش جماناً صالحات يحملن أعظم كتاب وأجلِّ تشريع وأعظم نبراس ( القران الكريم ) تعلماً تلاوة وحفظاً قد تأدبن بآدابه وأخلاقه فلم يُسمع منهن لفظاً بذيئاً أو أسلوباً ساقطاً فهنَّ الصور المشرقة والنماذج المضيئة في حفظ الوقت وتنظيمه تقول (غدير) عن نفسها : وجدتُ بها الرفقة الصالحة اللواتي عرفتُ عنهم حب الخير للغير وإثراءِ روح التنافس .
عفواً .. أرجو منك أن تنشر هذه القصة بين أختين هما من أحب الناس لي في المدارس فيها العظة والعبرة أحببت أن أسميها (لمياء وهند ) .. فإلى تفاصيلها ....
(لمياء) .. أخت هند الكبرى ولدتْ معاقةً وبالتحديد في قدميها أحبها والداها لكن محبة من نوعٍ آخر إنها محبة رحمةٍ وشفقةٍ لضعفها وعجزها فلئن فرحوا بها فقد أحزنهم ما ألَّم بها كيف ستعيش ؟؟ وماذا ستفعل ؟؟ في وقت أشرقت شمس حياتها على الدنيا مثلها مثل غيرها من بنات جنسها مضت الأيام والشهورُ بل الأعوامُ ومن حولها يمشي ليرمقَ الجميعُ في وجهها علامةَ الإستفهام ولكن بعد ثلاثة سنوات قرَّرَ والدها الحنون الكريم شراء (العربة) الخاصة بمن في حالها ومثلها ليبقى قضاء الحاجة من أهم الصعوبات التي تواجهها ولا داعي لتفاصيل مؤلمة للكاتب والقارئ والسامع لتأتي فكرة (الخادمة الخاصة) كحل رائع مناسب لتخفيف المشكلة لكن إلى متى ؟؟ بلغت (لمياء ) ست سنوات وكان من حقها دخول المدرسة فطالبتْ وبإصرار أن تلتحق مساءً بمدارس تحفيظ القرآن الكريم تنفيذاً لوصية معلمتها فوافق والدها وبكل سرور وفرحٍ بالغين وما هي إلا أيام وشهور وعام وأعوام فإذ بها تُصبح تالية كتاب الله لتعطر أسماع بيتها بكلام الله بصوتٍ شجيٍ نديٍ في وقت لم تتمالك أمُها من البكاء لما ترى وتسمع ..!!
(لمياء ) .. كانت ذكية .. لبقة .. هادئة الطباع بل مجدة في حفظ القرآن الكريم مع حداثة سنها وإعاقتها فلم تستسلم للحزن مطلقاً طيلة أعوامها الثلاثة عشر لتبلغ 23 سنة لتغرس المدرسة في نفسها الثقة وحب الخير للغير فهذه أخُتها الصغرى (هند) ذاتْ الإحدى وعشرين ربيعاً تُخطب للزواج فلما أخبرتها تهلل َ وجه أختها (لمياء) فرحاً واستبشاراً لي .. كيف لا !! .. وقد تربتْ على الخلق النبيل في إثراءِ روحِ المحبة الصادقة ليّ لتناديها قائلة .. (هند أخيتي أقربي مني ) فقربتْ لتقبلها قبلةً مشوبةً بدموعٍ سبقت عباراتها ودعواتها لها بالتوفيق والنجاح .. وهي من تحمل الشخصية الفذة .. والإيمان الأقوى .. فهي من تملك القلب الكبير .. والوجه المشرق فهي الصبورة المطمئنة .. المبتسمة وكأن الإعاقةَ في جسمها لا في روحها وروحانيتها .. أتمتْ حفظ القرآن الكريم وشيئاً من الحديث النبوي ليأتي اليوم الموعودُ في زواجها فتتقدم بمساعدة خادمتها نحو منصة الحفل لتتلو آيات من كتاب الله بصوتها الندي الشجي فبكتْ وأبكتْ من حضر .. وارتجلتْ كلمة شكرت الله وأوصتْ الجميع بمعرفة نعمة الله عليهنَّ بالصحة والعافية داعيةً الجميع للمحافظة على الصلوات الخمس والسنن الراتبة وأنها البوابة الأولى للحياة السعيدة كما لم تنس الحث على وجوب الحجاب ومراقبة الله فيه والتلذذ به والفرح والأنس بالعافية كما أوصتْ من حضر بالاستفادة من وسائل العلم النافع من كتاب أو شريط أو مطوية في مشهد مؤثر ومبكي لتنادي (لمياء) فلةً رائعةً من الفتيات الصغيرات ليبدأن في صوت الزغاريد مكللةً بالدعاء ليِّ وللجميع بالتوفيق ليبدأ الفرح بالدف المشروع في احتفال رائع أروعُ منه المعاقة ، الأنموذج المضيء لمدارس تحفيظ القرآن الكريم النسائية ..
ختاما .. (لمياء ) .. تفاصيل حياتها تطول لكن أعطاها الله ما يُعطي غيرها من بني جنسها وإني لأرجو لها الزواج والإنجاب عاجلاً وقريباً ...
فدعوةٌ لكل فتاة أن لا تكل جهداً في أن تكون لؤلؤة من لألئ مدارس التحفيظ وغصناً من أغصانها الفواح وثمرةً من ثمارها اليانعة .. وياليتني كنت مثلها في حب القرآن الكريم لما وقعت في الخلل والزلل ...!!
نعم .. (ماتت غدير ) مرتين ..
الأولى .. يوم أن وقعتُ فريسةً سهلةً للشيطان وجنوده لكن غلبتهُ بالتوبة والإنابة لله وحده ..
والثانية .. وهي موتي وحياتي في آنٍ واحد لقد ماتت نفسي الآمرة بالسوء الداعية للفسوق والمعصية لتحيا نفساً أخرى مع كوكبةٍ ملتزمةٍ في مملكة مدارس تحفيظ القرآن النسائية صمام آمان الفتاة التي تريد ان تكون أماً صالحةً لقد نسيتُ ما قد سلف فمهما كان فإن الأيام الماضية لن تعود فقد رحلت بمرَّها ومرارتها لأعيش حياةً جديدةً بلا هموم وأحزان عاشها قلبي الملهوف فترةً من الزمن مع الشبكة العنكبوتية الأقنعة الزائفة والأيادي الماكرة الخبيثة أما الآن فأنا ارجوا رحمة ربي وأخاف من عذابه وأتلذذ بتلاوة كتابه واهتم بجروح عالمنا الإسلامي ... ا.هـ
النهاية
إعداد :حمد بن سليمان اليحيى
و دمتم في حفظ الرحمن
أخوكمو محبكم في الله
لطفي