الموضوع: قصه بدون عنوان
عرض مشاركة واحدة
قديم 21-05-2006, 10:07 PM   #4
حزينه^وحيده
(حلا نشِـط )
 
الصورة الرمزية حزينه^وحيده
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Nov 2005
رقم العضوية: 15324
المشاركات: 128
عدد المواضيع: 16
عدد الردود: 112


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
حزينه^وحيده is on a distinguished road

حزينه^وحيده غير متصل
افتراضي مشاركة: قصه بدون عنوان

عندما أخبرتنا عن وفاة ابنتها ..
فاجابته و هي تنشج من البكاء : " دلال كانت تهتم فيني ... و كانت طيبة القلب .. كريمة الأخلاق ... أما ابنتي فلم تكن تهتم الا بعشيقها "
ثم أخذت بيد رفيقتها و أقفلت راجعة إلى سيارتهما و الحزن يخيم عليها و البكاء يقطع نياط قلبها ..
ناداها طارق و قال لها و هو يبتسم : " دلال رحمها الله كانت تتخلق بأخلاق المسلمين .. الاسلام هو الذي أمرها بذلك " ...
أشرت برأسها و كأنها تعده أنها ستفتش عن الاسلام في صورته الحقيقية ..

وقفت متأثرا بعد ما حصل .. سبع سنين و أثر الاخلاق الطيبة و التعامل الحسن باق أثره في قلب هذه الكافرة ..
من الغد .. طلبت من أحد الاخوة المشاركين في احد المراكز الاسلامية هناك أن يكون لنا محاضرة في المركز ..
تم التنسيق سريعا خلال يومين ..
ابتدأ طارق الكلمة و كان اسلوبه جميلا جدا .. كما ان شكله يضفي عليه هيبة و وقارا و حبا مع أنه ما زال في السادسة و العشرين من عمره ..
بعدها جاء دوري .. كان يبدو علي التأثر .. كنت أتكلم عن جمال أخلاق الاسلام و أثرها في قلب المدعوين ...
كنت أصف لهم صفات الداعية المسلم .. الداعية الذي يدعو بأخلاقه قبل أن يدعو بأقواله ...
الداعية الذي يحمل هم هذا الدين .. الداعية الذي ينجح في كسب قلوب الاخرين بأبتسامته و عطفه و حنانه و مساعدته للاخرين ...
" أين أنتم من تعامل رسول الله صلى الله عليه و سلم مع جاره اليهودي ؟
انظروا إلى آثار ما تفعلونه و تعملونه من الخير في قلوب الآخرين " ...
ثم قصصت عليهم قصة العجوز مع زوجتي رحمها الله فبكى الحضور و بدأت عليهم علامات التأثر ....


بعد انتهاء الدورة رجعنا إلى السعودية محملين بكثيرا من الهدايا ..
كان الهاجس الوحيد هو أن أرى مها .. فكل حقيبتي هدايا لها و لوالدتي و والدي حفظهم الله ..
ما إن وصلت إلى البيت و سلمت على أهلي حتى اتصلت على مها في بيت جدتها فقد كنت متشوقا لرؤيتها كثيرا ..
كنت أسمع صراخها فرحة بوصولي عندما أخبرتها جدتها بذلك .. أخذت السماعة من جدتها و بدات تبكي و هي تقول : " بابا تعال عندي " ..
قلت لها و أنا أبكي فرحا بسماع صوتها : " الحين ابجي عندك حبيبتي .. و جبت لك هدية حلوووووة "
أختلط ضحكها ببكائها و هي تقول : " بابا .. تعال .. تعال بسرعة .. "
أغلقت سماعة الهاتف و اتجهت بسيارتي إلى بيت جدتها ..
ما ان وصلت عند الباب حتى خرجت صغيرتي مسرعة فضمتني و هي تضحك و الدمع ما زال في عينيها ..
حملتها داخل السيارة و بدأت أقبلها و أنظر إليها فأقول : " ما شاء الله كبرت يا مها "
فتضحك فرحة مسرورة و هي تلعب بلحيتي ..
سألتها : " وش تتوقعين هديتك يا مها ؟ "
فضمت يديها و بدأت تقلبها ثم وضعتها تحت ذقنها بتغنج الفتاة المتقنة لذلك و ابتسامتها العريضة قد ملأت وجهها اشراقا ..
ثم قالت : " اممممممم ما ادري !! "
فتحت شنطة السيارة و أخرجنا هديتها فطارت بها فرحا و ركضت بها إلى جدتها لتريها هديتها ..
وقفت أنظر اليها .. ثم تمتمت في نفسي : " يا رب احفظها لي و اجعلها من الداعيات إلى دينك .. يا رب أصلحها و أصلح بها " ...



كبرت صغيرتي مها حتى وصلت السادسة من عمرها ..
عند ذلك أدخلناها المدرسة الابتدائية القريبة من بيت ( خالة أديم ) ..
كانت شعلة في النشاط و الحيوية .. كما كانت ذكية متفتحة العقل و الفكر ما شاء الله عليها ..
في أول شهر جاءنا خطاب شكر من المدرسة على حسن تربيتها و تفوقها ..
ثم توالت خطابات الشكر و الاعجاب بخلقها و حسن تربيتها ..
ثم بعد ذلك توالت الرسائل من معلماتها في كيفية تربية مها هذه التربية الإسلامية ...
لقد كانت صغيرتي لا تفتأ عن نصيحة الجميع بأسلوب جميل و كأنه أسلوب والدتها دلال رحمها الله ..
ذات يوم كانت مها تمشي مع معلمتها هند و التي تحبها كثيرا ..
فرأتها إحدى المعلمات فأرادت أن تقبلها .. فلما اقتربت من وجهها ابعدت مها وجهها فجأة و بسرعة و كانت تنظر إلى وجه المعلمة و كأنها رأت ما يسوؤها .. فزعت المعلمة لهذا الفعل فسألتها : " وش فيك حبيبتي ؟ "
فقالت صغيرتي : " هذا ما يحبه ربي " و اشارت إلى حواجب تلك المعلمة ..
تقول تلك المعلمة : كنت اقرأ حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لعن الله النامصة و المتنمصة " و لكنني لم أعيه بقلبي إلا الان ...

كانت الاتصالات من زميلاتها لا تقف عن بيت أديم .. فقد كانوا يحبونها كثيرا ..
و دائما ما كانت صغيرتي تقص لي قصصها مع زميلاتها و هي تنصحهن و تعلمهن على أخطائهن ..
و كم مرة قرأت رسائل صديقاتها الصغيرات في حقيبتها ..
" أحبك يا مها " .. " ياليتنا خوات " .. " مها أحسن صديقة عندي " .. " مها و لجين أحلى وردتين " ..
و حتى أن الكثيرات منهن شاركن معها في دار التحفيظ ليحضين بالقرب منها .. و حتى يكن من صديقاتها المقربات ..

أخذتها ذات يوم إلى السوق لنشتري لها بعض الأغراض التي تحتاجها ..
كنا نسير في أحد الممرات و كانت صغيرتي ممسكة بيدي ..
فجأة تركت مها يدي و ركضت تجاه مجموعة من النسوة يدخلن أحد المحلات ..
ركضت وراءها و أنا اناديها : " مها .. مها .. "
فدخلت معهن المحل ثم أمسكت بعباءة إحداهن ..
نظرت إليها تلك المرأة مستغربة .. فأنزلت اليها رأسها ..
فهمست اليها صغيرتي و أنا أرى الموقف من خارج المحل ..
فقامت هذه المرأة فقبلت صغيرتي و هي تضحك ..
فلما رجعت مها سألتها : " وش قلتي للحرمة ؟ "
قالت : " قلت لها ربي ما يحب هذي العبات " ...
فقمت و قبلتها بين عينيها و شكرتها .. و قلت في نفسي ما شاء الله عليك تعرفين تفرقين بين عباءة الكتف و عباءة الرأس ..
لقد ذكرتيني يا صغيرتي بأمك رحمها الله في نشرها للخير ...

انتهينا من شراء أغراضنا .. فلما أردنا الخروج فاذا بذلك الصبي الذي يجلس على قطعة كرتون بجانب الباب .. و أمامه مسجل و بعض الاشرطة .. و قد رفع صوت المسجل بأحد أشرطة الأناشيد و التي فيها دف ..
انطلقت اليه مها و هي تحمل كيستها الصغيرة و قد بان على وجهها الغضب ظنا منها أن هذا الصوت صوت غناء ..
فوقفت أمام هذا الصبي و قالت بصوت عالي : " حرااااااااااام .. حراااااااااااام .. قال صلى الله عليه و سلم ( المسلم أخو المسلم ... ) " ... فلم تحفظ صغيرتي سوى هذا الحديث و لذلك استشهدت به ..
المهم ان الصبي لما رأى حماس مها في الانكار و وقوفها أمامه بهذه الهيئة قام فأطفأ مسجله على الفور ..
ثم عادت صغيرتي إلى أدراجها سالمة ...


في الفصل الثاني من سنتها الأولى في المدرسة .. طلبت مني صغيرتي أن تلبس العباءة فقد كبرت على حد قولها ..
كنت أضحك عندما كانت تتصل على هاتفي الجوال فتذكرني بأن لا أنسى أن اشتري لها العباءة ..
بل و تقول " أبغى عباة راس " ...
ضحكت من أسلوبها و هي تحرصني أن أشتري لها هذه العباءة ..
بعد أول يوم دراسي في هذا الفصل .. ذهبت لأخذها كعادتي في وقت الظهيرة .. فوجدتها حزينة كسيرة البال ..
سألتها عن السبب فرفضت أن تجيبني ..
بل أنها أبت أن تأكل الايس كريم ذلك اليوم ..
ألححت عليها ..
فأخبرتني أخيرا " ليه ما جبت لي عباءة راس ؟ اليوم رحت المدرسة و الرجال شافوني "
ضحكت كثيرا و قهقت .. فغضبت أكثر ..
فلما رأيت ذلك منها قلت لها : " الحين نشتري لك عباة "
فعلا بعد العصر مررنا أحد المحلات فلم نجد عنده بمقاسها ..
فطلبت منه أن يخيط لنا عباءة رأس بمقاس صغيرتي .. فلما سمعت ذلك انفرجت أساريرها ..
بعد ثلاثة أيام لبست صغيرتي مها عباءة الرأس في ذهابها إلى المدرسة ..
ما أجملها و أنت ترى تلك الفتاة الصغيرة بعباءة المرأة المحتشمة .. شامخة بحجابها .. رافعة رأسها و كأنها إحدى المعلمات ..
مضى اليوم الأول بعد أن لبست العباءة و هي لا تكاد تحملها الأرض من الفرحة و السرور ..
كل المعلمات أتين ليرينها بعباءتها .. حتى أنها أبت أن تخلعها في الفصل حتى أتت معلمتها هند فأقنعتها بذلك ..
ثم قامت معلمتها هند فأقامت لها حفلا صغيرا في المدرسة حتى يتعلمن منها الأخريات ..
فتحفزت همم صديقاتها و بدأن ينكرن على أخواتهم ممن يلبسن عباءة الكتف .. و كل واحدة تقول للأخرى : " اذا كبرت أبلبس عباة راس "

لما سمعت إحدى معلمات المرحلة الثانوية في إحدى المدارس عن الخبر من طريق زميلتها المعلمة في مدرسة ابنتي مها .. أرسلت إلينا بخطاب تطلب منا أن نُحضر مها إلى المدرسة الثانوية في يوم الثلاثاء القادم لأنهم سينظمون برنامجا عن أهمية الستر و العفاف الظاهري و الداخلي و ستكون صغيرتي ملكة الحفل عندما تدخل عليهم شامخة بعباءتها الصغيرة ..
لبينا طلب المعلمة و طارت صغيرة فرحا بهذا الخبر .. فهي ستلبس عباءتها و تدخل إلى مدرسة البنات الكبيرات ..
كانت مها تنتظر ذلك اليوم بفارغ الصبر ..
و كنت أشجعها فأعد العدة معها و أشتري لها ما تحتاجه في ذلك اليوم ..
فشراب أسود جميل و ساتر .. و قفازان صغيران .. و باقة من الأشرطة المختارة لتوزعها على من تقابلهن من الفتيات ...



في يوم الثلاثاء و بعد صلاة الفجر ..
رجعت لأوقظ صغيرتي لتصلي ثم تستعد للذهاب إلى المدرسة ..
فقد نامت مها عندي ليلة البارحة لأن ( خالة أديم ) متعبة .. و المدرسة الثانوية قريبة من بيتنا ..
أنا أعلم أن مها لم تكد أن تنام تلك الليلة من شدة فرحتها ..
أيقظتها فقامت بسرعة ثم ذهبت لتتوضأ و تصلي ..
بقيت في غرفتي أنتظرها ..
كنت أتفكر في هذه الفتاة الصغيرة و كم السرور أدخلته على قلبي بفضل الله ..
فقمت أحمد الله كثيرا على فضائله و نعمه التي لا تعد و لا تحصى ..
كنت أتفكر في نفسي .. هل كنت أنا هكذا عند والديّ رعاهما الله ..
هل هما يحباني كما أحب أنا مها ..
بألتأكيد نعم ...
سقطت دمعاتي و أنا أسمع والدتي تناديني أنا و مها لوجبة الافطار ..
كنت أتصورها تحبني كما أحب أنا مها ..
بقيت أتذكر مواقفي و أنا صغير مع والدي و والدتي ..
بقيت أتفكر في قلب الأم ..
فتذكرت قلب الأم و حنانها ..
و تذكرت قلب الأم و أثرها على أبنائها ..
و تذكرت قلب الام و كيف أنها تستطيع أن تصنع جيلا لا يطأطأ الرأس و يتمنى الخير لكل الناس ...

أمسكت بقلمي فكتبت : " أمي .. كم أنا أحبك ... "
قطع حبل أفكاري صوت مها : " بابا كذا حلوة ؟ "
إلتفت إليها فرأيتها شامخة بعباءتها ..
ابتسمت ..
ضحكت ..
فرحت بجمالها و كمال أنوثتها ..
فرحت بجمال روحها و أدبها و رزانتها ..
رجعت الى ورقتي فكتبت فيها :
" أبي أحبك من أعماق قلبي .. "

قاطعتني مها :
- بابا وش تكتب ؟
- أكتب رسالة ..
- لمين ؟
- لماما فاطمة ..
- بابا .. أكتب رسالة لماما دلال و قلها إني كبرت ..
نزلت قليلا عن السطر الذي كتبته ..
ثم كتبت تحته :
" زوجتي الغالية دلال .. مها كبرت "



~.~.~.~.~.~.~.~.~.~


في الختام ..
الحمدلله أولا و آخرا و ظاهرا و باطنا ..
اللهم لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ..

أرجو من الله العلي القدير أن تكون هذه القصة قد نالت على رضاه أولا ..
ثم نالت و لو شيئا قليلا من رضاكم و إعجابكم ...

... أحمد ...
########



من أراد نشرها فله ذلك ..
بشرط أن ينقلها كما هي كاملة حتى نهاية هذه الجملة ...
التوقيع:
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة عندي شعور قد البحر عندي الحنان قد الربيع
عندي هموم قد المطر عندي محبه للجميع
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة