عرض مشاركة واحدة
قديم 16-11-2004, 11:14 PM   #13
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــــــــــــابع



بدا طويلا جدا لا نهاية له ...

و سرت كقارب تائه في قلب المحيط ...

أو شهب منطلق في فضاء الكون ...

لا يعرف إلى أين ...

و متى

و كيف سيصل ...

و بم سيصطدم ...








أخذت هاتفي و اتصلت برقم عمّار الظاهر لدي ، أجاب مباشرة :




" لقد انقضت عشرون دقيقة ! أسرع فشقيقتك ترتجف خوفا ! "

" إياك أن تؤذها و إلا ... "

" سأفعل إن تأخرت ! "

" أيها الـ ... ... ... دعني أتحدث إليها "





جاءني صوتها الباكي المذعور :


" وليد لا تتركني هنا "

" رغد ... عزيزتي أنا قادم الآن ... لا تخافي صغيرتي أنا قادم "

" أنا خائفة وليد تعال بسرعة أرجوك ... آه ... أرجوك ... "





أي عقل تبقى لي ؟؟

لماذا لا تتحرك هذه السيارة اللعينة ؟

لماذا لم اشتر صاروخا لمثل هذه الظروف ؟

لماذا لم تحترق في الحرب يا عمّار ...

ألف لعنة و لعنة عليك أيها الجبان ... ويل لك مني ..








بعد ساعة و نصف ، و فيما أنا منطلق كالبرق على الشارع المؤدي إلى المطار ، إذا بي ألمح سيارة تقف جانبا ، و يقف عندها رجل




و أنا أقترب توضح لي أنه عمّار




بسرعة ، أوقفت سيارتي خلف سيارته مباشرة و نزلت منها كالقذيفة و ركضت نحوه ، في الوقت الذي فتح هو في الباب ، و أخرج رغد من السيارة ...




جاءت رغد تركض نحوي فالتقطتها و رفعتها عن الأرض و أطبقت بذراعي حولها بقوة ...



" رغد ... رغد صغيرتي ... أنا هنا ... أنا هنا عزيزتي "






رغد كانت تحاول أن تتكلم لكنها لم تستطع من شدة الذعر ...

كانت ترتجف بين يدي ارتجاف الزلزال المدمر ... كانت تحاول النطق باسمي لكن لم تستطع النطق بأكثر من



" و ... و ... و "



انهمرت دموعي كالشلال و أنا أضغط عليها و هي تضغط علي و تتشبث بي بقوة و أشعر بأصابعها تكاد تخترق جسدي فيما ترفع رجليها للأعلى كأنما تتسلقني خشية أن تلامس

رجلها الأرض و تفقدها الأمان ...



" أنا معك عزيزتي لا تخافي ... معك يا طفلتي معك ... "



حاولت أن أبعد رأسها قليلا عني حتى أتمكن من رؤية عينيها و إشعارها بالأمان ، لكنها بدأت بالصراخ و تشبثت بي بقوة أكبر و أكبر كأنها تريد أن تدخل بداخلي ...








" وليد ! لديك امتحان مهم ! هل ستضيّع الفرصة ؟ "


قال هذا عمّار الوغد و أطلق ضحكة كبيرة ...



انتابتني رغبة في تحطيمه ألا أن رغد عادت تصرخ حينما خطوت خطوة واحدة نحوه ...





" خسارة يا وليد ! جرّب حظك في مصنع والدي ! "




و ابتسم بخبث :


" دفّعتك الثمن ... كما وعدت "





ثم استدار و هم بركوب سيارته ...






خطوت خطرة أخرى نحوه ، فأخذت رغد تصرخ بجنون :


" لا .. لا .. لا .. لا .. لا "


انثنى عمّار ليدخل السيارة ، ثم توقف ، و استقام ، و استدار نحوي و قال :


" نسيت أن أعيد هذا ! "




و من جيب بنطاله أخرج شريطا قماشيا طويلا ، و رماه في الهواء باتجاهي




رقص الشريط كالحية في الهواء ، وأنا أراقبه ، في نفس اللحظة التي ظهرت فيها طائرة في السماء مخترقة قرص الشمس المعشية ، و دوت بصوتها في الأجواء ، فيما يتداخل

صوتها مع صوت عمّار وهو يقول :



" إلى الجحيم ! "



ثم هبط الشريط المتراقص تدريجيا و بتمايل حتى استقر عند قدمي ّ ...



ركزت نظري على الشريط ، لأكتشف أنه الحزام الذي تلفه رغد حول خصرها ، و التابع لزيها المدرسي الذي ترتديه الآن ...



رفعت نظري ببطء و ذهول و صعق إلى وجه عمّار ، فحرك هذا الأخير زاوية فمه اليمنى بخبث إلى الأعلى في ابتسامة قضت علي ّ تماما ... و دمرتني تدميرا





أبعدت وجه رغد عن كتفي و أجبرتها على النظر إلي ... فيما أنا عاجز عن رؤية شيء ... من عشي الشمس ... و هول ما أنا فيه ...





لم أر إلا دمارا و حطاما و نارا و جحيما ...

لهيبا ... و صراخا ... و دموعا تحترق ... و آمالا تتبعثر ... و أحلاما تظلم ...

سوادا في سواد ...






عند هذه اللحظة ، نزعت رغد عني عنوة ، و دفعت بها أرضا و نظرت من حولي فإذا بي أرى صخور كبيرة قربي ...





التقطت واحدة منها ، و بسرعة لا تجعل مجالا للمح البصر بإدراكها ، و قوة لا تسمح لشيء بمعاكستها ، رميتها نحو عمار و هو يهم بركوب سيارته ، فارتطمت برأسه ... و

صرخ ... و ترنح لثوان ..

ثم هوى أرضا ...

و انتفض جسده ...

و انتزعت روحه ...

و إلى الجحيم ...