عرض مشاركة واحدة
قديم 29-09-2004, 06:25 PM   #1
nice smile
( ضيف حلا )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Sep 2004
رقم العضوية: 1744
المشاركات: 0
عدد المواضيع: 1
عدد الردود: -1


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
nice smile is on a distinguished road

nice smile غير متصل
Lightbulb الحب وحده اساس الزواج الناجح

مقال كتبه الأستاذ
عمرو خالد
في مجلة المرأة اليوم بتاريخ:30/3/2004 وهذا هو نص المقال:
كتبت في مقال سابق عن خطورة أن تتمّحور المرأة المسلمة سعادتها في إيجاد فارس الأحلام فقط، و ذكرت أن هذه الفكرة التي أصبحت تسيطر على أذهان أغلبية الفتيات في المجتمعات الإسلامية، إنما تسرّبت إليهن و استقرت في وجدانهن عن طريق الفيلم الرومانسي.


و اليوم أكتب عن ثانية العواقب التي يكرسها الفيلم الرومانسي تلقائيا في نفسيات شبابنا خاصة الإناث، إذ إنهن المعنيات – في المقام الأول – بتلك المقالات. إن الفيلم الغربي يركّز عادة على أن تكون دواعي نشوء عاطفة الحب بين الرجل والمرأة الانجذاب بالشكل الخارجي ، أو الإعجاب بالمواقف التي شكّلها كاتب السيناريو على الورق، و أخرجها المخرج بكاميراته ، و التي غالبا تكون استثنائية أو غير واقعية أو حتى حمقاء. إن الغرب حر فيما يختلق لنفسه من مواصفات و دواعي الحب المتبادل بين طرفين، و هو حر أيضا في تقييم هذه المواصفات و الدواعي، و تدبر نتائجها على مستوى علاقات الأفراد فيه، و لا ينبغي للمرأة المسلمة أن تخدع بمثل هذه المواصفات و الدواعي.

إن المرأة المسلمة تخطئ غاية الخطأ في حق نفسها وفى حق مجتمعها و أمتها عندما تستبدل بشعر طويل و عينين زرقاوين و قامة طويلة و شكل مهندم تقوى عمر و فروسية خالد وجرأة ربعى و ثبات بلال ورقة عبد الله و إيجابية أبى ذر و صدق كعب.

إن واقع هذا الشعر الطويل و العينيين الزرقاوين و القامة الطويلة ليس جيدا في مجال رعاية الزوجة واحترامها وعدم إهانتها أو حتى خيانتها، إن صمام الأمان الذي لابد أن تلتفت إليه المرأة المسلمة في اختيارها شريك حياتها ، و الذي تضمن به الكرامة والصون من كل سوء يؤذيها و يؤذى مشاعرها هو تقوى الله .. لم ترفض المسلمة شابا تقيا عادى الخلقة يتقدم إليها، و تستبدل به شابا لا حظ له من تقوى الله و ليس له رصيد إلا جمال ظاهري؟ إن هذا الثاني لو ثارت مشكلة بينه و بين زوجته، سينتصر لنفسه بغض النظر عما إذا كان الحق معه أو معها، و سيحاول أن يرغم أنفها و لو بالظلم و التعدي على حقوقها، سيستغل إنفاقه عليها ليقهرها و يحطم كرامتها، و كل ذلك مشاهد و معلوم، عكس الأول الذي تحول تقواه لله و خشيته منه بينه وبين الظلم، و حتى إذا ظلم فإن تقواه لله ستدفعه إلى الندم و الاعتذار، و إلى جبر الخاطر بشكل من الأشكال.

جاء رجل إلى الحسن رضي الله عنه و أرضاه يقول له : إن جماعة خطبوا ابنتي فبمن أزوجها؟ قال رضي الله عنه و أرضاه، زوجها للتقي الذي إذا أحبها أكرمها، و إذا أبغضها لم يظلمها.

إن المرأة المسلمة تستطيع أن تضمن كل حقوقها، و فوقها فضل كثير، إذا تمسكت في اختيارها برجل تقي كما أنها تستطيع أن تجازف بكل حقوقها، و فوقها ظلم كبير، إذا أصرت على أن تتزوج بشاب شبيه فلان أو علان ممن رأت و شاهدت في الفيلم الذي استدرجها و خدعت به.

ثالث ما تكرسّه الثقافة التجارية في معظم أفلامها الرومانسية .. أنها تجعل من عاطفة الوله و العشق العاطفة التي تنزوي في حضورها كل العواطف و الأحاسيس الأخرى، و التي هي في الواقع لا تضمر مثل هذا الضمور و لا تختفي مثل هذا الاختفاء، بل تظل موجودة و مؤثرة حتى في عاطفة الحب نفسها بالإيجاب حينا و بالسلب أحيانا. ما الذي أقصده؟ أقصد أنه يتيّم رجل بامرأة لجمالها و يستشعر عشقه لها، إلا أن الوله وحده ليس بالضرورة كافيا – في وجود مشكلات نفسية معينة – حتى ينجح الزواج بينهما و بضرب المثال يتضح المقال، نفرض أن هذه الحبيبة مصابة مثلا بداء الوسوسة و الشك و الريبة، أو نفترض أنها عنيدة عنادا مرضيا أو نفترض أنها عصبية لا تبقى و لا تذر، هل كل هذه المشكلات تنزوي و تضمر تداعياتها بشكل لا يؤثر في عاطفة الحب التي حاول الفيلم الرومانسي أن يمررها لنا؟ أنا شخصيا لا أعتقد ذلك، إنما الذي اعتقده أن عاطفة الحب هي معيار ضمن معايير أخرى في غاية الأهمية لتقرير ما إذا كانت هذه العلاقة - ظاهريا – و الأمر لله من قبل و من بعد، قابلة للنجاح أو الفشل.

المرأة التي تخدع بما أسرها به الفيلم, و لا تضع الأمور في نصابها تحكم على نفسها بالتعاسة و على زواجها بالفشل وعلى أبنائها بالتنشئة النفسية غير السوية.

إن التوافق النفسي مهم جدا، التكافؤ مهم جدا واعتدال المزاج و عدم جنوحه مهمان جدا للاستقرار و الحياة الناجحة .. كل هذه الأمور لابد أن توضع في الميزان مع غيرها متى يتم الاختيار و القبول بجانب الحب و الميل القلبي، أما أنا يكون ميزان الاختيار فارغا من كل شيء إلا من الحب فهذا مما لا تحمد عقباه و مما يلزم مراجعة المرأة المسلمة المعاصرة لنفسها فيه مرارا و تكرارا إذا أرادت أن تنأى بنفسها عن مشكلات من العيار الثقيل، إن رجلا جاء إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه و أرضاه يستفتيه في طلاق زوجته، فلما سأله سيدنا عمر عن السبب صرح له بأنه لا يحبها، فماذا فعل الفاروق رضي الله عنه؟ هل وافقه على منطقه أو جامله؟ و قال له: تفضل معك حق، كيف تعيش معها بلا حب؟ إنما رده و أعلمه أن الميثاق الغليظ – و هو الزواج – ليس بالضرورة أن تكون على الوله، إنما يقوم على الرعاية و السكينة.

إن الإسلام حقيقة لا يصادر المشاعر، و لا يكبتها، في الوقت نفسه لا يسمح بالتضخم الخيالي الذي يوصل إلى المصحات النفسية.

رابع ما أحب أن نناقشه هو عملية عزل عاطفة الوله التي يدور حولها الفيلم عن واقع الحياة المعيشية و عدم تتبع ما ستؤول إليه هذه العاطفة باحتكاكها بالتفاصيل الحياتية، و ضغوط الواقع واختلاف الرؤى بين طرفين يعيشان معا.

ربما يكون لصانع الفيلم و المشاهد وجهة نظر محترمة، و هي أن أي عمل ليس بالضرورة أن يحيط بشمولية كل الجوانب المتعلقة به فيناقشها، و يلقى عليها الضوء، و يتتبع تطورها، و يرصد تداعياتها ، و أنا أتفق معهما فيما ذهبا إليه شريطة ألا تكون كل الأفلام التي تمطرنا بها الفضائيات، و تعج بها دور العرض تقوم بهذا العزل الذي ذكرت ..لما؟ لأن استدامة النظر إلى أي شيء من زاوية واحدة محددة لا تتغير من شأنها أن تحجب بقية هذا الشيء و تصوره بشكل مختزل خادع و هذا هو الذي يتم.

إن المرأة المسلمة التي سيطرت عليها الرؤية غير الواقعية، والمثالية الحالمة، ستصدم بالواقع الذي فيه حب و معاناة، اتفاق واختلاف ، قرب و بعد، و هذه الصدمة ستؤثر في نفسيتها بقدر طراوتها، و نحن نحب لنسائنا أن يكن واقعيات، متماسكات عندهن القدرة على معايشة الواقع و تشكيله و ليس مجرد الهروب أو الشكوى منه.

إننا نريد الفتاة المسلمة المستعلية بدينها، التي لا ترتضى عن تعاليمه بديلا، المستعلية بثقتها بالله و بما شرع استعلاء صاحب الحق الأبلج، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، إننا نريد المرأة الفخورة بقرآنها و سنة نبيها صلى الله عليه و سلم ، المرأة الداعية إلى ما هي عليه من حق، و ليس المرأة المخدوعة بما عليه غيرها.

ختاما لا أقول لكل امرأة مسلمة إلا ما قاله الله تعالى لنا و لها : " فاستمسك بالذي أوحى إليك، إنك على صراط مستقيم و إنه لذكر لك و لقومك و سوف تسألون ".