منتديات حــلا

منتديات حــلا (http://vb.7laa.com/index.php)
-   ۞ مجلس حــلا الاسلامي ۞ (http://vb.7laa.com/forumdisplay.php?f=2)
-   -   خطبة الجمعه ليوم 27 رجب 1428 بعنوان ( تحقيق العبودية ) (http://vb.7laa.com/showthread.php?t=58876)

لطفي 10-08-2007 02:30 PM

خطبة الجمعه ليوم 27 رجب 1428 بعنوان ( تحقيق العبودية )
 
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله وبعد...


تحقيق العبودية


لقد خلق الله الإنسان لحكمة عظيمة تتجلى في قول المولى عز وجل: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) فهذا هو واجب المسلم في الحياة، ولقد عرّف العلماء العبادة بمفهومها الشامل.

وهناك من أساء فهم العبادة فأحدث ما أحدث -والعياذ بالله- وأخرجها عن شروطها التي وردت عن محمد صلى الله عليه وسلم، وعن مقتضاها الشرعي في الشريعة الإسلامية.


الحكمة من خلق الإنسان
الحمد لله الذي خلق الخلق لعبادته، وأمرهم بتوحيده وطاعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أكمل الخلق عبودية لله، وأعظمهم طاعة له ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تأسى به واهتدى بهديه إلى يوم المعاد، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى، واعلموا أنكم لم تخلقوا عبثاً ولن تتركوا سداً، وإنما خلقتم لمهمة عظيمة، وغاية جسيمة شريفة، ألا وهي تحقيق العبودية الحقة لله وحده، قال تعالى:(( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ )) [الذاريات:56] وبعبادة الله وحده لا شريك له أمر الناس كلهم، قال سبحانه: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) [البقرة:21]، وقال عز وجل: (( وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ )) [البينة:5] وقال تعالى: (( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً )) [النساء:36] (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ )) [الإسراء:23].......



العبادة حق الله على العباد

وعبادة الله وحده لا شريك له، خلاصة دعوة الرسل وأولها وأصلها، يقول عز من قائل:(( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ )) [الأنبياء:25] وقال جل شأنه: (( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )) [النحل:36] وكل رسول يقول لقومه: (( اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ )) [المؤمنون:32].

إخوة العقيدة: إن عبادة الله هي أوجب الواجبات، وآكد الحقوق، فحق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، كما صح في ذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه البخاري و مسلم عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، كما إنها وسام العز والشرف في الدنيا والآخرة، وقد وصف الله بها أكرم خلقه وصفوتهم من الملائكة والرسل عليهم الصلاة والسلام، كما وصف بها خاتمهم وأشرفهم محمداً صلى الله عليه وسلم في أكمل أحواله وأشرف مقاماته، فهنيئاً لمن اتصف بها حقاً، مشاركة خير خلق الله في هذه المنزلة العظيمة والمكانة السامية.


تعريف العبادة


أيها المسلمون: إن العبادة التي أمرنا بها كلمة جامعة وعبارة شاملة ونطاق واسع، فهي ليست محصورة بعدد من الشعائر، وليست مقصورة على نوع من المكان، ومرحلة من الزمان، وليست محدودة بجملة من الأعمال، بل هي: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة وهي بهذا التعريف تشمل كل ما يصدر عن المسلم من الأعمال القلبية والبدنية والمالية المشروعة، حتى العادات تتحول إلى عبادات إذا قارنتها نية صالحة، ولا تنقطع العبادات إلا بالموت، قال تعالى: (( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ )) [الحجر:99] وعبادة الله وحده، هي السر في انتصارات المسلمين وعزتهم وأمنهم وتمكينهم في الأرض.


مفهوم العبادة الخاطئ عند الناس

وقد أساء كثير من الناس اليوم في مفهوم العبادة، وقصروها -جهلاً منهم وضلالاً- على عدد من الأعمال التعبدية، وجهلوا بعد مراميها وكثرة متضمناتها، وسعة أبعادها، ولسان حال الكثير منهم يقول: الدين في المسجد ليس إلا -والعياذ بالله- ويبرز هذا جلياً في الناحية العملية التطبيقية، فهل عبد الله حق عبادته من أدخل في عبادته غيره، وجعله شريكاً له يدعوه ويستغيث به، ويعول في أموره عليه؟

وهل عبده حق عبادته من زاد في دين الله، وأحدث في شريعته ما لم يأذن به؟

وهل عبده من دنس معاملاته وأخلاقه بالمعاملات المحرمة، فبيعه وشراؤه وسائر معاملاته لا تسلم من الطرق المحرمة، فأكل الربا والتحايل على أكله، وغش المسلمين وظلمهم وخديعتهم ديدنه وطريقته.

أين العبادة في أفعال هؤلاء الذين آثروا الحياة الدنيا وخدعوا بحطامها وشهواتها وهي وبال عليهم وحسرة وندامة يوم القيامة، يوم يقفون أمام جبار السماوات والأرض، ويسألهم عن أموالهم من أين اكتسبوها وفيما أنفقوها؟ وهل عبد الله حق عبادته من ضيع وقته وأفنى عمره في معصية الله، باللهو واللغو القولي والعملي؟ أين نصيب العبادة في أوقات هؤلاء؟!

أنسوا أن الله سائلهم عن أعمارهم فيما أفنوها؟ وأوقاتهم فيما شغلوها؟ إن هؤلاء وأمثالهم قد تركوا عبادة الله، وأصبحوا عبيداً لأهوائهم وعبيداً لشياطينهم؟ وقد حذرنا الله من عبادة الشيطان والهوى فقال:(( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ )) [يس:60-61] وقال: (( أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ )) [الجاثية:23].

فاتقوا الله -أيها المسلمون- وقوموا بواجب الله عليكم في عبادته، فأنتم تعاهدونه في كل ركعة من ركعاتكم على ذلك حينما تقرءون قوله سبحانه: (( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )) [الفاتحة:5] ولكن قل من يتنبه لها ويفهمها ويعمل بمقتضاها، والله المستعان!

اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين وحزبك المفلحين، وارزقنا العمل لوجهك الكريم، واجعلنا ممن عبدك حق عبادتك يا كريم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


شروط صحة العبادة

الحمد لله وحده، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه.

أما بعد:

أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى، واعلموا أن العبادة لا تسمى عبادة ولا تنفع صاحبها عند الله إلا إذا توفر فيها شرطان:

أولهما: أن تكون خالصة لله وحده، ليس فيها شرك ولا رياء ولا سمعة، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه }.

ثانيهما: المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك بأن تكون الأعمال على وفق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه، سليمة من شوائب البدع والمحدثات، وقد أخرج البخاري و مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد } وفي رواية مسلم : {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد }.

فاتقوا الله عباد الله واعبدوه حق عبادته، وابتغوا بأعمالكم كلها وجه الله، كما قال تعالى: (( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )) [الأنعام:162-163].

وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على من عبد الله حق عبادته، الذي قام في عبادة ربه حتى تفطرت قدماه، نبينا محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في قوله سبحانه: (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً )) [الأحزاب:56].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن صحابته والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم ارض عنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل كيدهم في نحورهم يا رب العالمين.

اللهم عليك بأعدائك أعداء الدين، وأعداء المسلمين، اللهم عليك بهم عاجلاً غير آجل، اللهم اكفِ المسلمين شرورهم يا أرحم الراحمين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح واحفظ أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.

اللهم وفق إمامنا لهداك، اللهم وفقه لما تحب وترضى، اللهم ارزقه البطانة الصالحة يا رب العالمين، اللهم منّ على المسلمين جميعاً في كل مكان، بصلاح قادتهم وعلمائهم ونسائهم وشبابهم يا رب العالمين.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق: رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم: وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.......


الحطبة للشيخ : عبد الرحمن السديس



دمتم في حفظ الرحمن
أخوكم و محبكم في الله
لطفي

شمس القوايل 10-08-2007 02:35 PM

رد: خطبة الجمعه ليوم 27 رجب 1428 بعنوان ( تحقيق العبودية )
 
اخي في الله لطفي

بارك الله فيك وجزاك الله عنا خير الجزاء

وجعله في موازين اعمالك

وجعل كل حرف حجة لك لاعليك

اللهم اميييييييييييييين

شكرا لك على المجهود المميز يعطيك العافيه

ننتظر جديدك بكل شوق

دمت لنا بكل الود

تقبل مروري

doly 10-08-2007 02:40 PM

مشاركة: خطبة الجمعه ليوم 27 رجب 1428 بعنوان ( تحقيق العبودية )
 
لطفي

http://www.2ksa2.com/vb/images/smilies/1245.gif

اشهد ان لا إله إلا الله وحده لاشريك له

اللهمـ أعنا على طاعتك وعبادتك يارب العالمين

فعلا أخي الكريمـ هناك من أصبح يحرف معنى العبادة الحقيقة لله تعالى

الله يحفظنا ويدخلنا الجنة ويهدينا جميعا

بارك الله فيك على طرحك الرائع

وجزاك عنا كل خير وجعله في موازين حسناتك

حفظك الله من كل سوء أخي الغالي

وجمعة مباركة على الجميع إن شاء الله

valentino114 10-08-2007 04:27 PM

رد: خطبة الجمعه ليوم 27 رجب 1428 بعنوان ( تحقيق العبودية )
 
لطفي

جزااااااك الله كل خير عناا

وجعله في موازين اعمالك الصالحه

ولا تحرمنا من جديد ابداعاتك

مع احترامي وتقديري

فلانتينو

دينا احمد 10-08-2007 10:44 PM

رد: خطبة الجمعه ليوم 27 رجب 1428 بعنوان ( تحقيق العبودية )
 
http://www.members.lycos.co.uk/malak...ost/post07.gif

لطفى
http://alzezavon.jeeran.com/Ex2.gif

http://islamroses.com/zeenah_images/User5148.gif

أسالك اللهم بخير من خيرك

الذي لا يعطيه غيرك

ان تجعل هذا الموضوع

فى موازين حسنات كاتبه

جزاك الله كل خير

ننتظر كل جديد ان شاء الله


http://www.alasad.net/card/images/small/34.gif

http://www.s77.com/3DSmile/34/Is_044.gif

مــ الحزن ــلاك 11-08-2007 01:25 AM

رد: خطبة الجمعه ليوم 27 رجب 1428 بعنوان ( تحقيق العبودية )
 

http://gallery.7oob.net/data/media/19/s27771.gif
•.••◙» لطفي «◙••.•
خطبه اكثر من رائعه
مشكور وبارك الله فيك لطرحك
وجعله في موازين حسناتك
لاهنت
//
http://aluae.net/uploader/uploads/m13.gif
http://www.asmilies.com/smiliespic/islamic-s/023.gif

كنافهcinema 11-08-2007 11:01 AM

رد: خطبة الجمعه ليوم 27 رجب 1428 بعنوان ( تحقيق العبودية )
 
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فقد ندب الله عباده إلى التوحيد بحقه، والدعوة إلى سبيله، وأرسل الرسل لذلك، وأوجب على الأمة التعلم والتفقه في الدين، قال جل وعلا: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذاريات:55]، وقال سبحانه: فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ [الغاشية:21]، فالرسل عليهم الصلاة والسلام بعثهم الله مبشرين ومنذرين ومذكرين بحقه، والدعوة إليه، والتحذير مما يغضبه سبحانه وتعالى، والعلماء خلفاؤهم في الدعوة إليه والتبصير بحقه، والإرشاد إلى أسباب النجاة، والتحذير من أسباب الهلاك. والله عز وجل خلق الخلق ليعبدوه، وأرسل الرسل لبيان العبادة، وإيضاح أنواعها وأحكامها والدعوة إلى ذلك، كما قال الله عز وجل: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، فقد خلقهم الله ليعبدوه، وأرسل الرسل لهذا الأمر.. للدعوة إلى العبادة، وتفسيرها وإيضاحها، والأمر بالتزامها، كما قال الله عز وجل: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36]. وكلمتي الآن في بيان العبادة وأثرها في الفرد والمجتمع، فالعبادة هي حق الله على عباده من أولهم إلى آخرهم، ولها خلقوا وبها أمروا، يقول عز وجل: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:56-58]، ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:21]، وهناك آيات كثيرات، منها قوله سبحانه: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً [النساء:36]، ومنها قوله عز وجل: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5]، ومنها قوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23]، ومنها قوله عز وجل: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:2-3].



تعريف العبادة في الشرع



العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. وبعبارة أخرى: هي ما أمر الله به ورسوله من قول وعمل وعقيدة، كل ذلك يسمى عبادة.. فحب الله، والإخلاص له، والإيمان به، وخوفه ورجاؤه، كله عبادة، وذلك من أعمال القلوب، وكذلك ذكره، وتسبيحه، وتحميده، وتهليله، والدعوة إليه، كله عبادة، وهكذا الأعمال، من الصلاة، والصوم، والصدقات، والحج، وسائر ما أمر الله به من الأعمال كله عبادة.






مراتب العبادة



هذه العبادات منها المستحب ومنها الواجب، فعبادة الله بالإخلاص له، وصرف العبادة لوجهه الكريم، وأداء ما فرض، وترك ما حرم، هذا كله فرض لازم لا بد منه، والاستكثار من النوافل، والتسبيح والتهليل والتكبير والاستغفار، كل ذلك من نوافل العبادات، وهكذا الصدقات غير الواجبة كلها من التطوعات، وهكذا الصوم غير الواجب، والحج غير الواجب، كله من التطوعات ومن النوافل التي يحبها الله، وهي جبر للفرائض وتكميل لها. فجدير بالمؤمن وجدير بالمؤمنة العناية بالعبادة والتفقه فيها، وذلك بالتفقه في الدين عن طريق كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وعن طريق أهل العلم، بسؤالهم واستفسارهم، والتفقه عليهم؛ حتى يرشدوك إلى ما قاله الله ورسوله، وحتى يعلموك ما جهلت مما أوجب الله ومما حرم الله، وحتى يوضحوا لك أنواع العبادة، لتكون على بينة وبصيرة، وحتى تعبد الله كما أمر سبحانه وتعالى. وعلى حسب استمساك العبد بعبادة ربه، وأدائه حقه، والمسابقة إلى مراضيه، تكون منزلته عند الله، فمن استكمل الفرائض، واجتنب المحارم؛ فهو من عباد الله الأبرار، ومن عباد الله المتقين، ومن خيرة عباد الله، وممن وعدهم الله بالجنة، والنجاة من النار، وإذا أضاف إلى ذلك المسابقة إلى الطاعات، والاستكثار من الحسنات، والحذر من المكروهات، وما قد يعوقه عما شرع الله له؛ كان بذلك من السابقين ومن المقربين، من الطبقة العليا من عباد الله، فإن الطبقات ثلاث: الطبقة الأولى: الظالم لنفسه، وهو المؤمن العاصي. الطبقة الثانية: المقتصد الذي استقام على أداء الفرائض وترك المحارم، وهو من المقتصدين ومن الأبرار، ولكنه لم يتوسع في الطاعات المستحبة، ولم يستكثر منها، بل اقتصر على الواجبات وترك المحارم، ولم يكن له نشاط في المسابقة إلى أنواع الفضائل، فهذا من الطبقات الوسطى ومن الأبرار، وله الجنة والنجاة من النار. الطبقة الثالثة: طبقة السابقين المقربين، المسابقين في الخيرات، والمنافسين في الطاعات، بكل ما يستطيعون من الطاعات القولية والعملية، من طاعات القلوب وطاعات الجوارح، ومن الطاعات البدنية والقولية والمالية، فهم مسابقون إلى كل خير، ومنافسون في كل طاعة، فهؤلاء هم السابقون المقربون، جعلنا الله وإياكم منهم
.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif

مصير المفرطين والمقصرين في العبادة



بخلاف أهل النار -والعياذ بالله- الذين عصوا ربهم وتابعوا الهوى، وأطاعوا الشيطان، فلهم النار يوم القيامة، في دار الهوان.. في دار الأغلال والأنكال.. في دار الجحيم والزقوم.. في دارٍ كلها بلاء وكلها شقاء، هم في عذاب دائم.. كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً [الإسراء:97].. فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَاباً [النبأ:30].. كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ [النساء:56]، فهم في بلاء وعذاب ونكال إلى ما لا نهاية له، أبد الآبدين، ودهر الداهرين؛ بأسباب كفرهم بالله، وارتكابهم محارمه، وتركهم توحيده والإيمان به سبحانه وتعالى، لما تركوا توحيده والإيمان به، وارتكبوا محارمه وكفروا به، جازاهم بعذابه وغضبه ونكاله سبحانه وتعالى. أما العصاة من المسلمين فهم بين ذلك، لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء في الجملة، ولكن نهايتهم ومصيرهم إلى دار النعيم مع إخوانهم المتقين، لكن قد يصيبهم عذاب قبل ذلك، فقد يدخلون النار قبل ذلك بمعاصيهم، فيعذبون قبل دخول الجنة بمعاصيهم التي ماتوا عليها، إلا أن يعفو الله سبحانه وتعالى عمن شاء منهم، كالذي مات على الزنا، أو مات على عقوق الوالدين، أو مات على شرب الخمر، أو مات على أكل الربا، أو مات على غير ذلك من المعاصي التي حرمها الله عليه، فهم تحت مشيئة الله، إن شاء عفا عنهم وأدخلهم الجنة بتوحيدهم وإيمانهم وأعمالهم الصالحة التي معهم، وإن شاء سبحانه عذبهم على قدر المعاصي التي ماتوا عليها، ثم بعد التطهير والتمحيص في النار يخرجهم الله من النار إلى الجنة بعد ذلك، كما قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، فما دون الشرك من المعاصي لمن يشاء. وتواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن كثيراً من العصاة يعذبون في النار، يعذبون على معاصيهم، ثم يشفع فيهم الشفعاء.. يشفع فيهم النبي صلى الله عليه وسلم، ويشفع فيهم الشفعاء من الملائكة والمؤمنين والأفراط، فيخرجون من النار بعد امتحاشهم واحتراقهم فيها، بعد تعذيبهم فيها على قدر معاصيهم، يخرجهم الله من النار إلى نهر يقال له: نهر الحياة، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، فإذا تم خلقهم أدخلهم الله الجنة بعد ذلك بإسلامهم الذي ماتوا عليه، وتوحيدهم الذي ماتوا عليه، بعد أن طهروا في النار من معاصيهم وأرجاسهم التي ماتوا عليها ولم يتوبوا منها.

المحاضرة للشيخ عبد العزيز ابن باز ( اسال الله له الجنه)


لطفي

بارك الله فيك وجعله في موزين حسناتك

اخوك في الله
/
/
/
كنافه


الساعة الآن 07:57 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd